لِجُـرحِ قـلـبِـكَ أصـــداءٌ إذا نَطَقا *** يـبـوصـلُ الـمــجدَ إمَّا ضَيَّعَ الأفُقَا
نَضْحُ الدِّماءِ وضوءُ العِشْقِ، ما اكتملتْ صلاتُكَ البِكْـرُ إلا مُذْ نَزَفْتَ تُقى
فَتَحتَ عَيْنَيْكَ حينَ استحكَمَتْ لُغَةٌ خَرساءُ، حينَ الحيارى ضيَّعوا الطُّرُقا
ورُحتَ تُمْطِرُ فينا الضَّوْءَ، كـانَ عرانا اليأسُ لـم نَـدَّخِرْ مِنْ عَزْمِنا رَمَقا
عـلَّـمـتـنـا نَسَقاً للحُبِّ، فارتَعَشَتْ *** كـوامِـنُ الـشِّـعْـرِ لـمَّا أدرَكَ النَّسَقا
أتـيـتَ تَـقْـدَحُ فـي أنـفـاسِـنـا أملاً *** كُـنَّـا عَـهِـدنـاهُ مـحبوساً، وها عُتِقا
وحـيـنَ أرَّقـنـا لـيـلٌ وشَـتَّـتـنـا *** مَـسَـحـتَ عـنّـا شـتـيت الليلِ والأرقا
صِرنا نُـمَـوْسِـقُ أحـلامـاً، ونَزرَعُها *** في كربلاءَ، إذن تَردادُها عَبَقا
كُـلٌّ يـعـوذُ بِـرَبِّ الـحُـبِّ مِنْ أرَقٍ *** مـا أسْكَرَ العَيْنَ إما طَرفُها عَشِقا
يا مُبْدِعَ الغُنَّةِ الأولى انسيابُكَ في *** أضالِع الكونِ أغرى الدَّمعَ فانْدَلَقا
أغرى الوجودَ بأنْ ينحـازَ، لا لِشَجٍ *** لـثـائِـرٍ عبْقَرِيِّ الفِكْـرِ، ما انزلقا
فِكْرٌ حُـسَـيْـنٌ، فُـراتِـيُّ الـوضوحِ لهُ *** رهافةُ السَّيْفِ لا يستعذِبُ القلقا
وِكِبْرياءٌ تُرابِيٌّ، أمـا انـبَـثَـقَ الـعَـزْمُ الـمُـكَـربَـلُ مِـنْ طـه؟ أمـا انـبـثـقـا؟
وسُـنْـبُـلاتٌ مـن الإيـثـارِ يَـرفِـدُهـا *** مـاءُ الـفِـداءِ الذي مِنْ أمِّهِ اندفقا
ونَظْرَةٌ مِنْ عَلِيٍّ .. بـيـنَ رَحـمـتِـهِ *** وسَيْفِهِ أنْ يسيرَ الناسُ سَيْرَ شقا
ما افْتَنَّ بالماءِ حـيـنَ الـماءُ راوَدَهُ *** في كربلاء، فغيضَ الماءُ مُخْتَنِقا
وراح يركضُ للعبَّاسِ، فارتَعَدَتْ ** فـرائصُ الماءِ، ما للماءِ قد صُعِقا؟
أيَـشْـرَبُ الـمـاءَ عـبَّـاسٌ، وزَيْـنَـبُـهُ *** فؤادُها بجِمارِ الوَجدِ قد غَرِقا!!
الـصَّـبْـرُ بُـرْدةُ قِـدِّيـسـيـنَ، ما التَفَتوا *** لـغيرِ خالِقِمْ، ما طأطأوا عُنُقا
والـجـودُ فِطرَةُ مَنْ ذاقوا حلاوةَ أنْ *** يُـقَـدِّموا النَّفْسَ قُرباناً لِمَنْ خلقا
وكربلاءُ مدى الإبداعِ .. حيثُ ترى *** أبـاً وإبناً غـريبَا البَسْمَةِ اعتنقا
أبي .. شِـفـاهِـيَ يـكـويـهـا لظى ظمإٍ *** بُنَيَّ هاكَ فـمي ذبلانَ مُحتَرِقا
إذنْ بُـنَـيَّ إلـى حَـربٍ مُـقَـدَّسَـةٍ *** نـروي بـمـهــجـتنا مَنْ كابدَ الحُرَقا
الطَّفُ قَلْبٌ بليغُ الجُرحِ إنْ خَفَقا ** والـرأسُ أصـدَقُ إنْ فوقَ القَنا نَطَقا
فَـكَـيْـفَ تَـفْـنـى تـراتـيـلٌ مُـخَضَّبَةٌ *** بماءِ وَحـيٍ، ونَـحرٍ يَنْتشي عَبِقا
لا يَنْضَبُ الفِكرُ عاشوراءُ قُربَةُ مَنْ ** رامَ الـكـرامةَ يلْقى ماءها غَدِقا
"حـسـيـنُ" نَـبَّـهَـنـا أنَّ المماتَ يَدٌ *** للحقِّ تَفْضَحُ مَنْ بالحُكْمِ قَدْ شَرقا
حمى الزَّمانَ بهيهاتٍ، فما سُرِقَتْ ** روحُ الإبـاءِ وتاجُ المَجْدِ ما سُرقا
محمد باقر أحمد جابر